من أهم المشاكل التي يقع فيها الكتاب المدرسي المغربي عموما عدم مراعاته لخصوصيات المتعلمين وهذا ما يجعل الكتاب المدرسي أحيانا ينتقل من كونه وسيلة تعلمية الى عائق يصعب عملية التعليم والتعلم ,مع العلم ان الكتابي المدرسي يلعب دورا هاما وجوهريا في العملية التعليمية -التعليمية ,خاصة في التعليم الإبتدائي .لأنه أحيانا يكون الوسيلة الوحيدة لإنحاز الدرس, في ظل عجزالوزارة عن توفير الوسائل التربوية الأخرى نظرا لمجموعة من الإكراهات .إذن لابد للكتاب المدرسي أن يكون في مستوى المهمة الجبارة المنوطة وتطلعات السادة الأساتذة الذين يستعينون به, فهو ترجمة لفلسفة التربية المنتهجة في بلادنا .عموما سنحاول توضيح بعض الإشكاليات المتعلقة بالكتب المدرسية المغربية من خلال المحاور الاتية :
1 – الكتاب المدرسي والتعدد اللغوي والثقافي بالمغرب
المغرب كما يحلو لي أن أعرفه هو طبق سلطة فيه عدد كبير من الأعراق و اللغات و اللهجات فهناك الامازيغية ولهجاتها و العربية ولهجاتها وقد نجد من يتكلم العبرية و الدارجة أو الأمازيغية الى ماذلك من التعدد اللغوي والثقافي .هذه الخاصية التي تميز المجتمع المغربي هي في الحقيقة تحد لكل من عزم أن يؤلف كتابا مدرسيا لأبناء المغاربة ,وهذا من أبرز فشل الكتب المدرسية الحالية, فالكتاب المدرسي يجب أن يراعي هذا الإختلاف وسنضرب مثالا لهذا :مثلا الكتاب المدرسي لتدريس اللغة العربية في بعض المناطق التي يكون التلاميذ فيها ناطقين بالأمازيغية هو نفسه الكتاب المدرسي المقرر في مناطق أغلب التلاميذ فيها ناطقين بالعربية و العكس صحيح بالنسبة لتدريس اللغة الأمازيغية عدم مراعاة واضعي المنهاج لهذا الامر يضيع الكثير من الوقت المخصص للتعلمات ويخفض من جودة التعلمات. وأحيانا يصبح الكتاب المدرسي غير ذا جدوى في هذه الحالة مما يضطر الأستاذ الى تكييف المنهاج بل والتخلي عنه اذا لزم الأمر. فالاجدر بالوزارة مراعاة هذه النقطة أثناء وضع دفتر التحملات الخاص بإنتاج الكتاب المدرسي.
2 – الكتاب المدرسي ومسار تعلم التلميذ.
المسار الطبيعي للتلاميذ أن يلجوا روض الأطفال أو مايصطلح عليه التعليم قبل المدرسي , المدرسة الإبتدائية إلا أن هذا الامر لا يتم بهذا التسلسل أحيانا خاصة في قرى المغرب العميق وهؤلاء التلاميذ ليسوا قلة ,رغم ما تبذله الوزارة من مجهودات لتعميم التعليم المدرسي إلا أنه لازال هناك مجهودات يجب بذلها بهذا الخصوص. فلو كانت هناك دراسات جادة قبل وضع المنهاج و دقاتر التحملات الخاصة بإنتاج الكتب المدرسية لتمت مراعاة هذا الوضع فلا يعقل بتاتا أن أول درس في كتاب مدرسي لتدريس اللغة العربية مثلا يبدأ بنص و التلميذ لم يسبق له أن تعرف على الحروف الابجدية . هذه الوضعية تشكل عائقا كبيرا أما المتعلين والأساتذة حيث تصعب عمل السادة الأساتذة حيث يلزم تكييف البرنامج مع حاجيات التلاميذ وهذا يتطلب جهدأ كبيرا . و الحق أن هذه الوضعية خير مثال لتطبيق تنوع المقررات ولكن ليس بالطريقة الحالية بل بتنوع الكتاب حسب مسار المتعلم هل اجتاز مرحة روض الاطفال وله الكفايات المطلوبة أم لا فاذا كان قد اجتازها يتم اقتراح مايطور به المتعلم كفاياته و إن كان العكس فيجب البدء من الصفر وتعويض ما ضاع .
3 – الإبن غير الشرعي ” القسم المشترك أو المتعدد المستويات” و الكتاب المدرسي
قد يضحك ملء فمه من سمع هذا الوصف الذي وصفنا به هذه الظاهرة أي ” الابن غير الشرعي” و الذي وصفنا به الاقسام المشتركة أو المتعددة المستويات وسنفسر لماذا فضلنا أن نطلق عليه هذا التوصيف ,فالوزارة الوصية على القطاع لم تهتم بهذه الظاهرة الإهتمام المطلوب و الذي يوازي خطورة الظاهرة على العملية التعليمية التعلمية رغم أن الوزارة هي التي خلقتها لمواجهة ظروف اقتصادية (توفير القاعات والاساتذة…) وديموغرافية (انخفاظ المواليد في بعض المناطق و الهجرة الى المدن…) ….فالوزارة لاتكون الأساتذة في التعليم الإبتدائي على التعامل مع الظاهرة رغم أن الظاهرة أحيانا تتجاوز حدود المعقول ( أقسام تحتوي على جميع مستويات التعليم الابتدائي مثلا ) و لم تصدر الوزارة كتب خاصة بالأقسام المشتركة, اللهم إلا بعض الدلائل و التكوينات الناذرة والخجولة وليست الوزارة فقط من ينكر هذا المولود الممسوخ بل حتى الباحثين التربويين المغاربة فقلما تجد دراسة جادة حول هذه الظاهرة رغم أنها تساهم في الهدر المدرسي وتدني مستوى المتعلمين و لا يخفى على الجميع أهمية المدرسة الابتدائية في وضع الأساس لتعلمات المتعلم طيلة حياته.
لقد كان من الأفضل أن تستغل الوزارة فرصة تنوع المقررات وتفرض على فرق التأليف المتنافسة وضع كتب خاصة بالأقسام المشتركة توفر وسيلة تعليمية فعالة لتجاوز كل الصعوبات وتحد من الإرتجال الذي قد يكون سلبيا أو إجابيا ,وتكون الكتب مرفقة بدلائل مفيدة تساعد الأستاذ على التكوين الذاتي شرط أن تكون عملية أكثر منها نظرية .
4 – الكتاب المدرسي و التنافسية :
من المضحك ان تسمع أحيانا ان الكتاب المدرسي يوزع بالتساوي حتى لا يضيع مجهود فرق التأليف. بالفعل هذا ما تم العمل به عند توزيع الكتب المدرسية المقررة على الجماعات والمدارس .وما يلاحظ الان ان بعض الكتب المدرسية غير صالحة حتى بل وتشكل عائقا حقيقيا عند الممارسة التربوية لما فيها من أخطاء معرفية تارة أو ديداكتيكية (الجانب المنهجي ) … وقد يعرف الاستاذ كتابا مفيدا لتلاميذه إلا أن تغييره يتطلب مسطرة طويلة وقد يتم قبول طلبه من طرف مجلس التدبير ومفتش المادة أو يواجه بالرفض.
إن التنافسية الحقة أن تختار المؤسسة مجسدة في مجالسها ما يصلح للتلاميذ دون أي إكراه من النيابة أو غيرها , ودون الاخذ بالاعتبار أن تخسر لجنة التأليف هذه أو تربح تلك . فالا يجب تحويل المدرسة لترويج سلع ولو كانت رديئة. فالاسبقية للكتب التى تلبي حاجيات المتعلم وتحترم خصوصياته وثقافته بدل الجري وراء الربح.وأنذاك ترمى الكتب غير الصالحة و الرديئة ويكون الزاما على لجان التأليف أن تنجز أعمالا ذات جودة عالية لأنها تعرف مصير كتبها أن كانت ردئية وأن استفادتها من العملية ستكون محدودة أو منعدمة .
5 – وقفة عند لجان التأليف
لجان تأليف الكتاب المدرسي المغربي تتعدد من حيث انتماءات أعضائها .فقد تجد من ينتمون للقطاع و قد تجد من هم خارج القطاع , ولكن أحيانا نجد ظواهر غريبة فمثلا وأنت تتصفح الصفحة الاولى بعد الغلاف لبعص الكتب المدرسية تجد أن لجنة التأليف غريبة عن السلك الذي يستعمل فيه الكتاب ,مثلا تجد كتابا للسنة ثانية ابتدائي معظم أعضاء لجنة التأليف مكونة من مفتشي التعليم الثانوي وقد تجد أستاذا للتعليم العالي ,فهل هذا منطقي وكيف سيكون هذا الكتاب, أكيد سيكون غريبا عن التلاميذ ولا الاساتذة أحيانا قد يرتفع خطابه أو قد يكون نسخة طبق الاصل لكتاب أخر مع تغيير الصور و الغلاف ..
أليس من الأفضل أن يتم تشجيع أساتذة السلك المعني لتكوين لجان تأليف .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق