ويذكر الكاتب أن الصورة مغرية بما تحمله من متع تداعب المشاعر والغرائز، وكثيرا ما تمنح متلقيها متع الاسترخاء، وتعفيه من مشقة التأمل والتفكير والاستنتاج التي نبذلها عند قراءة كتاب أو استماع لمحاضرة. لذا لم تكن الصورة وسيلة للهداية في رسالات الأنبياء، فالوحي كان يتنزل في كلمات محكمة. وختام الكتب المنزلة ابتدأ في غار حراء بدعوة للقراءة، ودوامه كان بحفظ كلماته عن التحريف والنسيان والعبث. أما المعجزات المرئية فوقعت في وقتها لفضح الطغيان وتبكيت المتكبرين، ولم تحمل في ذاتها رسالة ولا هداية. وإذا كانت الصورة هي الوسيلة الأقوى للطغيان والإفساد في عصور الأمية، فشيوع القراءة والعلم لم يغير الكثير في عصرنا الذي أُطلق عليه اسم "عصر الصورة"، وكأن تطور العلم كان سببا في تطور توظيف الصورة لتحقيق الأهداف ذاتها، بدلا من تحرير الإنسان من عبوديته. مع هذا كله فإن الصورة لم تعد حكرا في يد أصحاب الأهداف الدنيئة، وقد شهد تاريخها الكثير من قصص النجاح في توظيفها لمصلحة الإنسان وإظهار الحقيقة. يبحث هذا الكتاب في تاريخ الصورة وتطورها، وفي مجالات توظيفها واستغلالها والإفادة منها. ويهدف إلى توعية المتلقي بخطر الصورة ووسائل استغلالها، وفتح الباب أمامه لفهم آلياتها طمعا في تحريضه على توظيفها بما يحقق الخير للبشرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق